Wednesday 28 March 2007

نعمة الخيال


فى لمحات سريعة امتلئت السماء بسحاب اسود غاضب و كثيف...و ساد الظلام ارجاء المكان فى عز الظهر...و كأننا انتقلنا الى قلب الليل فى لمحة خاطفة من لمحات الزمان...فقفز الى ذاكرتى ما قرأته من ابحاث عن علاقة ضوء النهار و اصابة الكثير من الناس هنا بالاكتئاب النفسى

فانا اعيش هنا على بعد آلاف الأميال و التى تفصلنى عن شمس مصر...و الأرض التى تطئها قدمى هى ليست بارضى و لا حتى هذه السماء التى اطفئت انوارها بسمائى...و لكن البعض من اصدقاء العمل هنا يتعجب من بسمتى الدائمة و المرسومة على وجهى طوال فصل الشتاء او الصيف.


لا أحد منهم يعرف سر عدم اكتئابى بهذا الطقس المتقلب و المتغير دائماً هنا ...فانا وحدى الذى اعرفه...انه نعمة الخيال...فبخيالى احطم حواجز المكان و الزمان...و اطير معه ثم أعود فى تلاحق سريع... و به اطير الى ارضى التى تربيت عليها و سمائها التى استظلتنى...


فاطرق بابها...و القى بجسدى على سرير طفولتى...و اشرب قهوتها المعطره بحب الهال...و اطوف معها فى شوارعها...و اذهب الى شواطئها...اشم هواء بحرها...و اخلع معطفى و كل الطبقات الصوفية التى ارتديتها تحته...فتلسع حرارة شمسها جلدى...فتبتسم و هى تضمنى الى صدرها بقوة قائلة: مش ناوى ترجع؟...فأجيبها بأبيات من قصيدة "فى الحب البحرى" لنزار:

لماذا تبحثين عن الثبات؟
حين يكون بوسعنا أن نحتفظ بعلاقتنا البحرية
تلك التى تتراوح بين المد..و الجزر
بين التراجع و الاقتحام
بين الحنان الشامل , و الدمار الشامل..
لماذا تبحثين عن الثبات؟
فالسمكة أرقى من الشجرة ...
و السنجاب .. أهم من الغصن..

و السحابة ..أهم من نيويورك..

فأعود ثانية الى ارض الجزيرة البريطانية بسرعة البرق الخاطف منتفضاً على صوت صديق العمل:

-what a terrible day?

فاجيبه ببسمة تملأ و جهى:

-yes indeed.

و اعود الى عملى و انا منتشياً و صوت فيروز يملأ سمعى
كبر البحر بحبك....

No comments: